السبت، 25 يناير 2020

لا تتخلص من الضغوط النفسية

لا تتخلص من الضغوط النفسية
بل استثمرها

«الضغط النفسي» جاء تعريفه بأنه:
حالة شبه دائمة لكنها تستثار وتزيد
وتنقص من خلال المشكلات 
أو الصعوبات أو المواقف الحياتية
التي تؤثر على التفكير والجسم
وتؤثر على أسلوبنا في الحياة
وبالتالي تبدأ في التأثير على
قراراتنا وعلى أحوالنا اليومية
في نقاشٍ جمعني مع قياداتٍ تربويةٍ 
طرحن «تسعة» أسئلة، وطلبن مني
الإجابة عنها من واقع تجربتي الحياتية
هن لا يردن الإجابات النموذجية والمثالية
من بطون الكتب وملفات الدورات التدريبية
والمحاضرات النظرية هن يتطلعن إلى الخبرة اليومية
وتتالت الأسئلة الواحد تلو الآخر
كلها أسئلةٌ عميقةٌ وتحتاج إلى استرجاع
الماضي بكل خبراته وتجاربه
قلن لي: هات ما عندك، قلت لهن: أبشرن!!

السؤال الأول:
لماذا لا نتخلص من الضغوط النفسية؟ 

ويأتي جوابي:
من الصعب أن يتحقق لنا ذلك
لأن هذه الضغوط هي عبارةٌ عن حياتنا
اليومية مع أفراد أسرتنا
فهي مع الأب والأم والابنة والأخت
والعم والخالة هي مع العاملة المنزلية
ومع السيارة وبيئة العمل
ومع الرؤساء والمرؤوسين
هي مع رجل مرور، وصاحب الفرن والمطعم
ومحطة البنزين وصالون التجميل والحلاق
هي مع عامل النظافة
وهي مع أصدقائنا وجيراننا
وهي أيضاً مع أنفسنا وأجسادنا وعقولنا
ومع كل شيء نتعامل به
في حياتنا اليومية

فهل نستطيع أن نتخلص من هؤلاء جميعاً؟
أو نُلغي وجود البعض منهم من حياتنا
أو حتى نُملي عليهم كيف ينبغي
أن يكونوا في اتصالهم بنا؟

هذه هي طبيعة الحياة الدنيا
قال عزَّ من قال:
(لقد خلقنا الإنسان في كبد)
وفي آيةٍ أخرى (يا أيها الإنسان
إنك كادحٌ إلى ربك كدحاً فملاقيه)
ونحن نختلف في هذا الكدح لسنا سواسية
فهذا يكدح بعضلاته (كعامل البناء) مثلاً
وهذا يكدح بفكره
(كالكاتب والمعلم والأديب) 
وذاك يكدح بروحه (كالجندي)
وهذا في سبيل الله (كالمجاهد)
وذاك للقمة العيش (رجلاً كان أو امرأة)
وهذا يكدح ليجعل الألف
والألفين مضاعفة (التاجر)
وذاك يكدح لجاهٍ ومنصبٍ
وذاك يكدح لعقيدةٍ ودعوةٍ
(رجل الدين والفكر) وهكذا

ويأتي السؤال الثاني: هل تقدم الإنسان
في السن والعمر يجعل تعامله
مع الضغوط أفضل؟ ليكون جوابه: نعم
ولا شك في ذلك، فكلما تقدم الإنسان
في السن أصبح أكثرَ نضجاً
وعقلانيةً وتحسباً لعواقب الأمور
فما كان يثيره في سن الـ 20-30 بات يراه
من توافه الأمور إذا بلغ الـ 40-50-60 مثلاً
وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم
(حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة
قال ربِّ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ)
لماذا ذكر الله شكر النعمة
والعمل الصالح في هذا العمر؟
 لأن التجارب أصبحت ناضجةً لدى الإنسان
وصار أكثر تحكماً في انفعالاته
فيتحقق معه التوازن
النفسي والثقة بالنفس

السؤال الثالث: هل الخصومات
مع البشر مصدرٌ ثريٌّ للضغوط النفسية، ولماذا؟

ولعل من المناسب أن نفرق هنا
بين ما هو مطلوبٌ في تعاملنا
مع البشر وما هو مرفوضٌ تماماً
فالخصومات مع الناس فيها هدرٌ كبيرٌ
للوقت والجهد ويصل حتى إلى المال
وتعقبه أمراض نفسية وجسدية
وخسائر في العلاقات والصداقات
ويصبح الفرد وكأنه يمسك (عصا)
يهشُّ بها على كل قريبٍ وبعيدٍ
الاختلاف مع البشر أمرٌ مطلوبٌ
وهذه سنة الحياة، وفيها تتجلى
حكمة الله عز وجل حيث قال:
(ولو شاء ربك لجعل الناس أمةً واحدةً
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم)
ولكن الصراع هو المرفوض
لأنك لن تصل إلى نتيجةٍ
فالكل في نظر نفسه هو (الصائب)
ومعها تضيع (القضية)

السؤال الرابع: ما تقولين في الانشغال
بالبشر وإنجازاتهم
هل تُعدُّ من مصادر الضغوط؟

وجوابه: لا شك أن الانشغال بالبشر وإنجازاتهم
وماذا أكلوا؟ وماذا شربوا؟ وكيف بنوا منازلهم؟
وأين سافروا؟
وما هي أرصدتهم في البنوك؟ و.. و.. و... 
كل هذه معاول هدمٍ يشتريها
المرء بنفسه ليهدم نفسه

(ركِّز على عملك)
واستفد من تجارب الآخرين
وأظهر مشاعر (الغبطة) لا (الحسد)
ودع الخلق للخالق
فمن رزقك ودبَّر أمورك هو نفسه الله عز وجل
رازقهم ومدبِّر شئونهم.

خبيرة إدارية/ مدرب معتمد
شمسة البلوشي
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

الأربعاء، 15 يناير 2020

مفاهيم بنكهة مبسطة

بين العقل واللسان علاقة عكسية
فكلما كان العقل صغيرآ
اصبح اللسان طويلآ
عندما تنمو الاظافر نقوم بقصها
وليس بقص اصابعنا
 وعندما تكثر المشاكل
 يجب علينا قطع مشاكلنا
وليس علاقاتنا
يمدحون الذئب وهو خطر عليهم
ويحتقرون الكلب وهو حارس لهم
كثير من الناس يحتقر من يخدمه
ويحترم من يهينه  !!
قبل ان تحكم على انسان
 اسمع منه لا تسمع عنه
فليس هناك شيء في هذا العالم
 اروع من الضمير النقي
يقول ابن القيم رحمه الله:
‏مهما بلغ تقصيرك في العبادة
فلا تفرط في حسن الخلق
فقد يكون مفتاحك لدخول أعالي الجنة
أتظن أن الصالحين بلا ذنوب؟
‏إنهم فقط : استتروا ولم يُجاهروا
واستغفروا ولم يُصروا
واعترفوا ولم يبرروا
وأحسنوا بعدما أساؤوا
قيل ﻷحد السلف : كيف أنت ودينك ؟
‏فقال : هو ثوب تمزِّقهُ المعاصي
وأرقِّعهُ بالاستغفار.
‏ما أبلغ السؤال
وما أعمق الإجابة
الغيبة : إحراق تعب سنين
من الحسنات بدقيقة
النميمة : أن تسمع لرجل
ستكون أنت موضوعه التالي
الكبر : أول جريمة
خطت في اللوح المحفوظ
دقيقة : تستطيع فيها بالذكر
والتسبيح أن تزرع 60
شجرة بالجنة . بل أكثر
أخذ يشكو لصديقه أحزانه
الهموم المتحدرة من كل جانب
الضيق الآتي من كل فجٍّ عميق
الغم المختبئ خلف الأبواب وفي الطرقات
وتحت الوُسُد، كلاليبُ لا يَردُّ أحدَها
حتى يهجم ثانيها
في طابورٍ طويلٍ لا يُرى آخره
 أطرق وصمت قليلاً، تنهَّد بمرارة :
الحياة لا تسير على ما يرام
كان صديقه ينظر إليه طوال الوقت
ثم التفتَ عنه يرسل عينيه إلى الأفق البعيد
حيث كان القمر يكسو
التلال البعيدة بنوره الأبيض
وقال : وماذا يهم إذا لم تكن
الحياة على ما يرام ؟
(قالها وهو يمدُّ رجليه واحدةً فوق أخرى
ويتكئ على يديه خلفه)
إننا عابرون، لحظات وسنجتاز المفازة
سنصل إلى
مفترق الطُّرق بعد ليالٍ 
المهم هو الآخرة يا صديقي
المهم أن تكون الآخرة بخير
وما السيء في الأحزان
إذا كانت تبيِّض الصحائف
وترجح بكفة الميزان
وتيمِّن الكتاب، وتيسِّر الحساب
وتغسل الذنوب، وتعلي الدرجات ؟
إن الذي ( يُرام ) حقاً هو السلامة غداً
وما دامت لم تتضرَّر
بل لعلها تتزيَّن بصبرك واحتسابك
فالأمور تسير على أحسن ما يُرام
ألستَ تنثر جعبة همومك جوف الليل؟
ألم يغدُ فؤادك أرق من أفئدة الطير
يبكيه الموقف العابر ؟
ألم تصبح حانياً على كل من ترى؟
رفيقاً بمن تمر به ؟
ألم تلحظ أحزان الذين كانت سعادتك
تنسيك أحزانهم من الجيران
والعمال والصغار ؟
ألم تعد حيَّ النفس
يقظ الضمير بعدما أصابك ؟
أليست هذه إطلالةً على الحياة الحقة
التي كنت لا تعلم عنها شيئا؟
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~