الثلاثاء، 12 مايو 2015

لا تسمح لشيء أن يقتل كل شيء

استوقفتني تغريدة
"لا تسمح لشيء أن يقتل كل شيء"
تكون ردود أفعال البشر أحياناً فادحة
يحرمون أنفسهم من كل شيء
لأن شيئاً واحداً فقط قد خذلهم
لا تنفض يدك من الأمر برمته
لمجرد أن أحد تفاصيله لا يعجبك
فهذا من نقص الحكمة
ومن سوء تقدير المواقف
إن وجدت في نفسك شيئاً من ذلك
فراقبها وامنعها
من أن تمارس هذا الظلم عليك
وفي هذا السياق ثمة قاعدة تقول
"ما لا يُدرَك كُلّه لا يُترَك جُلّه"
سألت  صاحبي يوما:
لو عاد بك الزمن إلى الوراء
أي خطأ كنت ستمنع نفسك من ارتكابه؟
فأجاب بلا تردد: ترك الجامعة !،
ففي عامي الدراسي الثاني
أساء لي الأستاذ الجامعي بكلمة جعلتني
أتشاجر معه وأقرر بعدها بتهور
أنني قد اكتفيت من الدراسة وسأتجه للعمل
أعلم اليوم أن ذلك كان أغبى قراراتي على الإطلاق
وددت لو أن أحداً أقنعني بالعدول عنه
حقاً لا تسمح لشيء أن يقتل كل شيء
من خانك لم تقتل خيانته فرص الحب الأخرى
التي ربما يكون أحدها أمام عينيك
الصديق الذي خذلك لم يلغ الصداقة
التي مازال الكثيرون يستمتعون بدفئها
الموظف الذي آذاك لا يبرر
أن تترك وظيفتك الحالية بكل مميزاتها
الوطن الذي ظُلِمت فيه لا يعني
أن تنفض يديك منه وتهاجر لاهثاً
خلف هوية لن تجدها
في أي مكان آخر
الأمر ذاته ينطبق على العلاقات الإنسانية
فمن كره من زوجته خُلقاً رضي منها آخر
لكن الكثيرين سمحوا لعيب واحد
في الشخص أن ينسف كل مميزاته
لا أنكر أن بعض العيوب لا تطاق
لكن ثمة مميزات تجعلنا نتنازل
عن تمسكنا بصفات أخرى
وفي هذا السياق يقول الإمام الشافعي:
تَسَتّر بالسخاء فكل عيبٍ يغطّيه
كما قيل يخفيه السخاء
العيش في جلباب الأمس
ليس السبيل الأمثل
لنمضي في هذه الحياة
علمني الوجع أن الكمال في الجنة
وأن علينا أن نتأقلم مع نقص الدنيا
هذه دعوة لمداواة الجروح قدر الإمكان
كي لا تزحف آثارها
إلى أبعاد حياتنا الأخرى
فالحياة أكبر
من أن نختزلها في حدث واحد
كالبحر الذي مهما طفت على سطحه
بعض الوريقات يظل عميقاً
في أحشائه الدُّر كامنٌ
إنك حين تعطي الموقف أكبر من حجمه
تتضاءل قيمتك كإنسان في مواجهته
وهذا من الضعف
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

الاثنين، 11 مايو 2015

فنون الإجابة

مهذّبون
كان العرب يتفننون في الأدب
وينشئون أبناءهم عليه
ومن فنون الأدب 
(اختيار اللفظ المناسب) 
حتى قالوا لكل مقام مقال
فيقال للمريض معافى
وللاعمى بصير وللاعور كريم العين 
وكان هارون الرشيد قد رأى في بيته
ذات مرة حزمة من الخيزران 
فسأل وزيره الفضل بن الربيع: ما هذه .. ؟
فأجابه الوزير .. عروق الرماح يا أمير المؤمنين
أتدرون لماذا لم يقل له إنها الخيزران ... ؟
لأن أم هارون الرشيد كان اسمها (الخيزران) 
فالوزير يعرف من يخاطب
فلذلك تحلى بالأدب في الإجابة
أحد الخلفاء سأل ابنه من باب الاختبار
ما جمع مسواك .. ؟
فأجابه ولده بالأدب الرفيع
(ضد محاسنك يا أمير المؤمنين)
فلم يقل الولد (مساويك) 
لأن الأدب قوّم لسانه وحلّى طباعه
ولما سُئِل العباس رضي الله عنه
وعن الصحابة أجمعين
أنت أكبر أم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فأجاب العباس قائلا"
(هو أكبر مني .. وأنا ولدت قبله
عليه الصلاة والسلام) ..
ما أجملها من إجابة في قمة الأدب
لمقام رسول الله
عليه وآله الصلاة والسلام
فعلينا أن نعير اهتمامنا
لهذا الجانب من الخلق والأدب في الإجابة 
حتى نضمن جيلاً "راقياً"
في فنون الإجابة
قال ابن القيم رحمه الله
من رَفَقَ بعبادِ الله رَفَقَ الله به
"ومن رحمهم   أحسن إليهم
أحسن الله إليه  "
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

السبت، 9 مايو 2015

لصوص المجالس

لصوص المجالس
مقال جميل للكاتب: فهد عامر الأحمدي
لأن أصدقائي في "الرياض" أكثر
من "المدينة" لم أعد أخبرهم
بأوقات تواجدي فيها خشية دعواتهم الكريمة
غير أن هناك صديقاً يعلم دائماً
متى أحضر للرياض ولا أعرف كيف
فيتواصل معي ويصر على جمع الناس
للاستماع إليّ (على حد قوله)
اعتذرت كثيراً ولبيت دعوته كثيراً
ولكنه في آخر مرة قال لي بصراحة:
"إن ظللت صامتاً لن أدعوك مرة أخرى
فالناس تحضر من أجلك ولكنها تتفاجأ بصمتك"
ابتسمت وقلت: "المكسب معي أبا محمد
لأنني حين أصمت أتعلم أنا منهم"
لم أجامله كثيراً حين قلت له هذا
فاالله منحنا أذنين مقابل لسان واحد
كي نستمع أكثر مما نتحدث
فالحديث شهوة، والاستماع مهارة
لا يحسنها معظم الناس
فكلما استمعت أكثر كلما تعلمت أكثر
وفهمت الناس أفضل ومنحت نفسك
فرصة اقتباس الأفكار
أما حين تسعى للاستئثار بالحديث
(وسرقة المجلس) فتكون بذلك
قد حرمت نفسك من كل هذا
ويخرج الناس عنك بانطباع سيئ
وهناك بطبيعة الحال فرق
بين الحديث المفيد، والثرثرة
لمجرد التباهي وسرقة المجلس
فالأخيرة لا تكشف العيوب فقط
بل وتحول صاحبها لمهرج
لا "يستهضمه" أحد
فمن يستأثر بالحديث يتحول
إما لرجل محبوب
(تترك له المجال كي تضحك منه)
أو رجل بغيض
(كونه يستأثر بالحديث
ويحوله إلى حيث يريد)
ولأنك لا تعلم أي الرجلين أنت
كن على ثقة بأن الناس تحب المستمع الجيد
وتمنحه ثقتها وتستأمنه على أسرارها
أكثر من الإنسان الثرثار
بل وتقيمه في النهاية كمتحدث جيد
يقول ديل كارنيجي في كتابه
كيف تؤثر على الناس
(وهو من أهم الكتب التي قرأتها في سن مبكرة)
حتى أشد الناس جفافاً وغلظة
لا يملك إلا أن يلين
إزاء مستمع صبور عطوف
ولكي تصبح محدثاً بارعاً
كن أولاً مستمعاً عطوفاً
اسأل محدثك أسئلة يسر الإجابة عنها
شجعه على الكلام عن نفسه، وأعماله
وعن مجال تخصصه
تذكر دائماً أنه يهتم بنفسه ومشكلاته
أكثر بمئة ضعف من أي شيء آخر تعرفه
تذكر دائماً أن حديثه عن ضرسه
الذي آلمه البارحة أهم من حديثك
عن مجاعة تصيب الصين
أو كارثة حدثت بإفريقيا
ويؤكد هذا الأديب الأميركي "وليم ليون فيلبس"
الذي كتب مقالة قال فيها:
"عندما كنت في الثامنة من عمري
حضر لزيارتنا رجل
لم أره سوى مرة واحدة في حياتي
ولكنه ترك أثراً عظيماً في نفسي
كنت حينها شغوفاً بالقوارب السريعة
وما أن أخبرته عمتي بذلك
حتى ركز حديثه عن أنواع القوارب
وأيها أسرع وأفضل وقدرة على المناورة
لم يتحدث عن نفسه أو عمله
أو اهتماماته الشخصية
بل صب حديثه على القوارب
حتى ظننته خبيراً فيها
فلما انصرف سألت عمتي: من هذا الرجل؟
وما سر اهتمامه بالقوارب؟
فأجابتني انه محام من نيويورك
يخاف البحر ويكره الصيد
ولم يركب قارباً في حياته
فسألتها لماذا إذاً كان يحدثني عنها؟
فقالت: لأنه فقط رجل لطيف
أدرك أنها تهمك أكثر
من أي شيء في الدنيا
وفي المقابل يعتقد البعض أن التباهي
وسرقة المجالس والحديث عن الذات
هي ما تجعله نجماً ومحبوباً بين الناس
تذكر فقط آخر مرة
كرهت فيها إنساناً لهذا السبب
هذا بالضبط ما أخشاه
لو بدأت أنا بالثرثرة
والاستئثار بالحديث
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

الأربعاء، 6 مايو 2015

سرعة الأيام مخيفة

سرعة الايام مخيفة
ما إن أضع رأسي على الوسادة
إلا وأشرق نور الفجر..
ما إن أستيقظ إلا وحان موعد النوم
تسير أيامنا و لا تتوقف
وأقول في نفسي : حقاً السعيد
من ملأ صحيفته بالصالحات
والسؤال الذي أقف عنده
بماذا ملأت صحيفتي ؟؟
وهل أنا أسير للأمام أم للخلف ؟
يا ترى ما هو وزني عند الله؟
أقف وأحاسب نفسي
فالأيام تمشي بسرعة
ولن يبقى إلا العمل الصالح
فتن الدنيا تموج بنا
والأحداث تتسارع من حولنا
والأموات يتسابقون أمامنا
"فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ۖ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ"
الهدوء : أسلوب راقي
لا يعرفه كل البشر
والرضا بالقدر : هو الراحة
في هذه الدنيا
أيامنا تمضي ويمضي معها العمر
بتقادير مكتوبة ، لا يعلمها إلا الله
التاجر الحقيقي هو : من يخطط
في بداية يومه لكسب آلاف الحسنات
فالسوق قائمة ، والسلع معروضة
والأرباح بإذن الله مضمونة
{ يرجون تجارة لن تبور }
إبتسموا .. وتناسوا أوجاعكم
هي دنيا وليست جنة
ثلاثة أمور  احرص عليها
كلما زادت الصدقة زاد الرزق
و كلما زاد الخشوع في الصلاة
زادت السعادة
و كلما زاد بر الوالدين
زاد التوفيق في الحياة
افشوا السلام - رددوا مع الآذان
حافظوا على الصلاه - حصنوا نفسكم
إحفظوا شيئاً مِن السّور -- تصدقوا
إستغفروا- كبروا- صُوموا
صلواعلى النبي عليه الصلاة والسلام
يا غالي وياغاليه
علق قلبك بالآخرة فالدنيا لا تدوم
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

الثلاثاء، 5 مايو 2015

مالذي يحدد سمو أخلاقك..؟؟

أثبتت دراسة أن الكلام الطيب
الذي يسمعه الانسان
يمنحه نظام مناعة أعلى
ولذالك أخبرنا النبي عليه وآله الصلاة والسلام 
أن الكلمة الطيبة صدقة
ما يحدد سمو أخلاقك..
هو تعاملك مع من (لا تحب)
وليس مع من (تحب)
تعاملك مع من (تخالف)
وليس مع من (توافق)
تعاملك في ظروفك (الصعبة)
وليس في ظروفك (الرائعة)
فالكل لطيف في الأوقات الرائعة
لكن حين تتغير الظروف
وحين تختلف الأفكار والآراء
يتكشّف الخُلُق السامي المترفع
ضغوط الحياة تخرج حقيقة معدنك
وقف الحسن البصري
عند قبر بعد دفن صاحبه
ثم التفت على رجل كان بجانبه
فقال: أتراه لو رجع للدنيا ماذا تراه يفعل
فقال الرجل : يسـتغفر ويصلي ويتزود من الخير
فقال الحسن هو فاتته فلا تفوتك أنت
هو فاتته فلا تفوتك انت
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

الأحد، 3 مايو 2015

اختر دائما أن تموت فارغا

مت فارغاً
للأستاذ محمد النغيمش
سأل مدير أميركي زملاءه في اجتماع عمل
"ما هي أثمن أرض في العالم؟"
فبدأت تأتيه الإجابات
فمنهم من قال
"إنها أرض الخليج الغنية بالنفط"
ومنهم من قال
"أراضي الألماس في أفريقيا".
فقال المدير ؛ "إجاباتكم خاطئة .. إنها المقبرة"
فبدأ يشرح لهم أن المقابر فيها ملايين الناس
ممن قضوا نحبهم وهم ما زالوا يحملون
في جعبتهم الكثير من الأفكار الثمينة
التي لم تر النور بعد
ولحسن الحظ كان أحد المستمعين بالصدفة
المؤلف الأميركي الشاب تود هنري
الذي أعجبته الفكرة كثيرا
ثم أطلق كتابه الشهير
"مت فارغا" أو "Die Empty"
حيث وضع فيه أفكارا عملية تساعد الفرد
على أن يفرغ يوميا ما في جعبته
من طاقات وأفكار و معلومات
مفيدة له و لمجتمعه
والمتأمل لهذه الفكرة يجدها واقعية جدا
فكم من شخص ضليع في العلم
أو في التجارب الحياتية
تخطف الموت زهرة شبابه قبل أن يكرمنا
بمخزونه الوفير
لأنه كان يؤجل عمل اليوم إلى الغد
وفي عالم الأعمال والحياة عموما
هناك من يطلق عليهم بالمرشدين
أو أصحاب الحكمة
أو التجارب العملية (Mentor)
الذين يعكفون على تنوير الناس
بأفكارهم وتجاربهم
فإذا ما تقاعس هذا الفرد عن دوره
حرم غيره من خير كبير
و الأسوأ إذا كان هذا العالم أو الخبير
يحارب من قبل مسؤوليه في العمل
إما غيرة أو شعورا بالضعف أمامه
ولا يدرون أنهم يرتكبون جريمة
بحق هؤلاء ومن سينهل من علمهم
وينسى هؤلاء المسؤولون أو يتناسون
أن في كل مؤسسة أعمدة خيمة متينة
تقام على أكتافهم نهضة المؤسسة وتقدمها
فإذا ما حاربناهم تراخوا وتراجعوا
عن مسيرة العطاء اليومي
و كثيرا ما أتخيل لو أن كل فرد
في العالم قدم اليوم أفضل ما لديه بإتقان
لأصبحت الحياة أجمل وأنظم
وأدعى للبهجة والسرور
فمثلا عندما تتعطل مصالحنا
في دائرة حكومية أو خاصة أو نسقط في حفرة
أو يتأخر إقلاع طائرتنا
لتسيب في إصلاح عطل فني
فستجد أن شخصا ما- لم يؤدي عمل
ذلك اليوم على أكمل وجه
الحياة رحلة عطاء
فحين تعطي صديقك أو زميلك
من وقتك و جهدك و مشاعرك
في المقابل تساهم في تحسين
بيئة العمل و تريح نفسك وغيرك
لكن الأهم أن يكون هذا العطاء
مستمرا وليس مزاجيا
ولذا قال مؤلف الكتاب تود هنري
"لا تذهب إلى قبرك وأنت تحمل
في داخلك أفضل ما لديك
اختر دائما أن تموت فارغا"
و هذه قمة العطاء والتفاني
و نحن نقول استثمر لآخرتك
و لو مثاقيل الذر فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره
و من يعمل مثقال ذرة شراً يره 
و احتسب في غيرك فعلك
تكسب أجر نشر الخير ،،
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~